الأسباب الخفيَة للعقم المؤقت وتأخَر الإنجاب عند المرأة

تنتهي فرحة الزواج ، ويختفي شغف الفستان الأبيض الذي لطالما عانق أحلامها ا ليبدأ حلم آخر بمراودتها ،وهو الحلم الأكبر والأكثر جمالا في حياة أي إمرأة ، إنجاب الطَفل الأول ، يطول الإنتظار ، ولا يحدث الحمل فتتحوَل الألوان في حياتهاإلى رماديَة لا شيء يمكن أن يضيئه غير صرخات طفل بريء وجميل بين ذراعيها ، ومع مرور الوقت يصبح هاجس الإنجاب معاناة نفسية تعيشها المرأة يوميَا فنراها تسعى جاهدة إلى فعل كلَ ما في وسعها لتحقيق هذا الحلم ومن أهم الخطوات هو البحث عن أسباب تأخر الانجاب خاصَة عندما تؤكَدتحاليل الطبيب المختص أنَ لا عيب بالرَجل ولا يوجد مشكل عنده بالخصوبة ،ويبدأ الحديث عن مشكل يسمَى طبيَا بالعقم عند المرأة الذي قد يكون نسبيَا ومؤقتا أو مزمنا وتامَا فإلى جانب الأسباب العضويَة والمرضيَة المعروفة (بخل نشاط المبيض ، خلل بقناة فالوب ، تكيس المبايض …) والتي يمكن أن تمنع حمل المرأة هل من أسباب أخرى مباشرة أو غير مباشرة تكون وراء مشكل العقم النسبي عند المرأة  (المؤقت) ؟

 

هي ظاهرة منتشرة عالميَا خاصَة في العالم العربي وهي العقم وتأخر الإنجاب  فجزء كبير من النساء المتزوجات دون سن الخمسين يعانين من  هذا  المشكل ما يعرف أيضا بالعقم المؤقت وحسب معلومات صادرة عن مختص في طب النساء يعتبر العقم المؤقت أو النسبي أفضل من العقم التام لأنَ عدم القدرة على الإنجاب مؤقتا أو لمدَة معيَنة أفضل بكثير من  مشكل العقم التَام الذي لا حل له غير تقنيات اللإنجاب بمساعدة طبيَة كالتَلقيح الإصطناعي وطفل الأنبوب ، لذلك يرى أهل الإختصاص أنَ الحمل ممكن في هذه الحالة إذا ما تم إكتشاف سبب هذا التأخر، والذي يجب ان يتم التعامل معه بسرعة فائقة لأنَ العقم النسبي قد يتحول الى كلي إذ ا لم  تتم معرفة أسبابه ومعالجتها بشكل دقيق وشامل .

ووفق أحدث الدَراسات التي أجراها خبراء وعلماء في علم الاجتماع فإنَ تأخَر الإنجاب أو ما يعرف بالعقم النسبي هو مشكل لا ينتج عن الأسباب المرضيَة أو العيوب الخلقيَة فقط إنما مرتبط بعوامل إجتماعيَة ،ثقافيَة،إقتصادية ونفسيَة أيضا فكيف ذلك ؟

الزواج المتأخر

وحسب دراسة تونسيَة أجراها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري حول مسألة  العقم النسبي وتأخر الإنجاب والتي تمَت مناقشة حيثياتها  ضمن منتدى السكان والصحة الانجابية تبيَن أنَ تغير نمط التوزان الديمغرافي  هو الذي لعب دورا كبيرا في تراجع معدلات الخصوبة، وبالتالي تراجع القدرة على الإنجاب فحسب نفس المصدر إرتفعت نسبة السكان الذين تتراوح أعمارهم (بين 29 و64 عاما) وهم في سن النشاط العملي وبالتحديد النساءالعاملات وهو ارتفاع سببه  تغيَر الوضع الاقتصادي والثقافي للمرأة كخروجها للدراسة والعمل ودخولها أسواق الأعمال التي كانت تعتبر في الماضي حكرا على الرَجال فيتأخَر سن الزواج عند هذه الفئة من النساء إلى ما بعد 30 سنة أو أكثر وهي المرحلة العمريَة التي تبدأ فيها خصوبة المرأة بالتراجع  فتصل مدة تأخر الانجاب الى 5 سنوات أو أكثر بسبب هذا الضعف .   

أسباب نفسيَة

ويؤكَد أطبَاء علم النفس أنَ الأمر يزداد تعقيدا في حال غياب الأسباب العضوية والمرضيَة المانعة للحمل، فعندها يكون العقم المؤقت أو تأخَر الإنجاب عائد إلى أسباب نفسية بحتة ، ورغم أنَ حلم الإنجاب هو هدف أي امرأة متزوَجة وباحثة عن الاستقرار إلاَ أنَ ذلك لا يمنع من وجود نساء يتخوَفن من الأمومة ومسؤولياتها فتحدث عندهنَ عدم رغبة لاشعورية في الانجاب التي قد تكون ناتجة عن طفولة قاسية عاشتها المرأة في حياتها وغير ذلك …

وقد تكون الأسباب عكسيَة أيضا أي الرَغبة الملحَة في الإنجاب التي قد تتحوَل إلى هاجس يتلبَس المرأة  قد يكون وراء عدم قدرتها على الإنجاب لفترة معيَنة ، حيث يؤكَد أطبَاء علم النَفس وخبراء علم الأجنَة و حتَى أطَباء أمراض النساء والتوليد أنَ الأحاسيس تؤثر على الإباضة وعملية التلقيح وبالتالي يحدث إضطراب في الجهاز الهرموني ، كالتَفكير المتواصل في الحمل الذي يرافقه خوف من خسارة الحياة الزوجية ومع ظهور السلوكيات العصبية المفرطة  التي قد تصدر عن الزَوجة في التعامل مع زوجها تصبح الحياة صعبة ومعقَدة ومثل هذه الضَغوطات تؤثَر بدورها على خصوبة المرأة وتحبط عمل الهرمونات والمبيض .

ويؤكَد أطباء علم النفس صحَة إرتباط حصول الحمل بالنفسيَة من خلال حالة الحمل الكاذب الذي قد يصيب المرأة لشدَة هوسها ورغبتها بالإنجاب فتتوهم أنها حامل إلى درجة تجعلها تعاني من أعراض جسمانية للحمل ولكنَها كاذبة كانتفاخ البطن وإنقطاع الطمث والتقيؤ ،وسرعان ما تختفي عند تلقي الصدمة المخيبة للأمل مع أوَل إختبار حمل منزلي تقوم به وهي وضعيَة يصعب على المرأة تحمَلها لذلك فإنَ إختيار الشريك المناسب قبل الزواج مهم للغاية فالزوج يمكن أن يساعد زوجته بشكل كبير عندما يكون متعاونا وعطوفا معها من خلال عدم إشعارها بالنقص وبالمهانة في حالة تأخَر الحمل والتأكد أنَ العيب منها لأنَ ذلك يزيد من معاناتها النفسيَة التي قد تتحوَل إلى عذاب جسدي ومرضي في حالة تفاقمها وهو ما من شأنه أن يعيق الحمل ويضعف نسبة الخصوبة عندها .