العلاج الكيميائي : عندما يكون الألم الطريق الوحيد للنَجاة

ترتجف ، ثمَ تعود لتنام ، تستفيق فتجد نفسها تتألَم من جديد ،  تشعربالغثيان ،وشعرها الجميل يتساقط كتساقط أوراق الشجر في فصل الخريف، سؤال يطرح نفسه :هل الأمر يستحقَ كلَ هذا العناء ؟ هل الحياة تستحق هذه التضحية؟  الإجابة : نعم لا شيء يستحق المقاومة المستميتة أكثر من الحياة والعيش إلى جانب من نحب سنوات إضافية  ،لا شيء أجمل من رؤية الشَمس تبزغ في فجر يوم جديد ،لأنَ كل يوم  في حياتنا هو فرصة وهبة من الرحمان لنعيش حياة أفضل مهما صعبت التَحديَات ، هذه هي الجمل التي تراود أذهان مرضى السَرطان الذين إختاروا عدم الإستسلام لهذه الآفة وقررَوا القضاء عليه مهما كانت الطرق مؤلمة ومخيفة ،ولهذا السبب بالتَحديد أصبح الألم والضعف الذي يسببَه العلاج الكيميائي للجسم أهون بكثير من الموت ومفارقة الأحباب ،فلا يوجد أصعب من أن تحرم أم في مقتبل العمر رؤية أبنائها يكبرون أو أن يحرم أب من حضور حفل زفاف إبنته العزيزة ،فالسَرطان يحرم الإنسان من حياته دون رحمة ،لذلك يجب على كلَ مريض سقط بين أنياب هذا الوحش القتال من أجل اللَحظات الجميلة ومن أجل الأشخاص الذين يستمدون قوتهم منه ، ومن هذا المنطلق تبرز أهميَة العلاج الكيميائي فماهي خصائص هذه الطَريقة العلاجيَة التي ورغم قساوة آلامها إستطاعت أن تمنح العديد من مرضى السرطان الأمل في الحياة ؟ وماهي الآثار الصعبة التي يجد المريض نفسه مضطرَا إلى تحمَلها كي يتمكَن من الإنتصار على المرض وتحرير جسمه من سجن هذا الوحش الفتَاك؟

العلاج الكيميائي

يصنَف العلاج الكيميائي ضمن قائمة العلاجات الطبيَة النَاجعة والشَديدة للقضاء على الأورام الخبيثة ،وهو عبارة عن مجموعة من المواد الكيميائيَة المصنوعة خصَيصا لتدمير الخلايا السَرطانية (مضادَة للسرطان ) ما يعرف في المفهوم الطبَي بال anticancer drugsو قوة السَرطان تتمثَل في قدرة خلاياه على الإنتشار والنَمو بسرعة والإنقسام في وقد وجيز ،لذلك عمد العلماء والخبراء على إختراع العلاج الكيميائي الذي إستطاعت مكوَناته محاكاة هذه السَرعة وإيقاف نموَها ، لأنَ هذا  العلاج يعمل على إعاقة هذه الحركة وعرقلة نمو الخلايا الخبيثة .
ورغم أنَ العلاج الكيميائي ليس الوسيلة الوحيدة المعتمدة طبيَا للقضاء على السَرطان حيث يستطيع العلاج الإشعاعي أيضا radiotherapy القضاء على هذه الخلايا إلاَ أنَ تميَز العلاج الكيميائي يكمن في قدرته على تدمير هذه الخلايا في كلَ أنحاء الجسم وهو الأمر الذي لا يمكن للعلاج الإشعاعي تحقيقه (يدمر الخلايا الموجودة في جزء معين من الجسم ) لذلك يعتمد العلاج الكيميائي في أكثر الحالات السرطانية خطورة على غرار métastases وهو السَرطان الذي يملك القدرة على الإنتشار في أماكن مختلفة من الجسم وطبيَا يعتبر هذا النَوع الأخطر على الإطلاق ويتطلَب عناية وخطَة طبيَة دقيقة للتغلَب عليه .

طبيعة العلاج الكيميائي

يتميَز العلاج الكيميائي بتنوَعه فهو يحتوي على أنواع متعددة من الأدوية وذلك تماشيا مع طبيعة مرض السَرطان الذي ينمو بدرجات متفاوتة وبأنواع مختلفة أيضا، لذلك إختار أطبَاء المجال التنَويع في طرق إستخدام الأدوية الكيميائيَة وذلك حسب نوع الخلايا السرطانية و درجة نموَها في الجسم وتطوَرها ، لذلك جعل لكل نوع طريقة عمل خاصة به تكون مختلفة و فعَالة في نفس الوقت ولكنَ ذلك يتم حسب الوضع الصحي لكل مريض وحسب نوع الورم ،لذلك فإنَ طرق إعطاء هذا الدواء مختلفة لعلَ أهمها وأكثرها شيوعا الحقن في الوريد عن طريق أنبوبة صغيرة عبر الجلد موصولة بكيس المواد الكيمياويَة فيمر الدواء إلى الوريد ومن ثم إلى الدَم ويبدأ في عمليَة تدمير الخلايا السَرطانيَة .

وتكون الطريقة الثانية أكثر بساطة أي من خلال الفم أي عبرإعطاء الدَواء في شكل أقراص أو شراب أمَا الطرق الأخرى فهي الحقن العضلي و في الجلد إضافة إلى الحقن في سائل النخاع الشوكي …هذه الطرق العلاجيَة يمكن أن تعتمد في المنزل أو في المستشفى حسب حالة كل مريض ودرجة تطوَر المرض في جسمه وهو أمر متوقَف على قرار الطبيب المختص في علاج السَرطان والمباشر للحالة.
للعلاج الكيميائي آثاره وأعراضه الجانبيَة القاسية كتساقط الشَعر والشعور بالغثيان والتقيؤ إضافة إلى التعب الشديد وفقدان الشهية التي قد ينتج عنها نقص واضح في الوزن العائد إلى تدميرالعلاج الكيميائي بعض الخلايا الطبيعية السليمة في الجسم لأنَه لا يستطيع التمييز بينها وبين الخلايا الخبيثة لسرعة نموَها ،لكن رغم ذلك يعتبر العلاج الكيميائي الأمل الأخير للقضاء على أخطر الخلايا السرطانية وهذا ما أثبتته تجارب عديدة تمَكن فيها هذا العلاج من القضاء التام على هذا المرض ، وحتَى الأعراض والآلام التي يحدثها و يضطر المريض إلى تحمَلها سرعان ما تختفي وتنتهي مع إنتهاء العلاج الكيميائي وتختفي آثاره أيضا على الخلايا الطبيعية فتعود إلى طبيعتها ويستعيد المريض صحَته تدريجيا ليعيش حياته ويقطف ثمار شجاعته الباسلة .