كيف نسقط بين أنياب مرض الإكتئاب ؟

أم تقتل أطفالها وتنتحر ، معطَل عن العمل يضرم النَار في جسده ، مراهقة تنتحر شنقا بعد إنخراطها في مجموعة عبدة الشَيطان ………إلخ وقائمة الجرائم تطول ولا تنتهي وهي حوادث  يقف وراءها غول وحيد وهو مرض الإكتئاب ، فأغلب الدَراسات النَفسية والعلمية التي أجريت في السَنوات الأخيرة أجمعت على أنَ مرض الإكتئاب هو مرض العصر، وهو المتَهم الأساسي والمسؤول الوحيد عن الجرائم الشَنيعة  التي أصبحنا نسمع عنها في كل مكان وفي مختلف أنحاء العالم ، لأنَ أغلب الأشخاص الذين قاموا بإرتكاب هذه الجرائم هم مرضى نفسيين ويعانون من عقد سلوكية سيكولوجية شديدة ، فماهو مرض الإكتئاب ؟ وكيف تتساوى الحياة مع الموت عند شاب أو شابة في العشرين ليصل الوضع إلى درجة الإنتحار؟

تعريف الإكتئاب

يعرَف علماء النَفس مرض الإكتئاب على أنه مزيج من مشاعر الحزن، والوحدة، والشعور بالرفض من قبل الآخرين، والشعور بالعجز وقلَة الحيلة عن مواجهة المشاكل والصَدمات ووفق معلومات صادرة عن المعهد الأميركي للصحة العقلية فإنَ مرض الإكتئاب يكتسح العقل ويستعمره فيملئه بأفكار سوداء وغير متفائلة تغيير نظرة الإنسان لنفسه وللآخرين فيفقد توازنه النفسي وقدرته على تمييز الخطأ والصَواب، فيبدأ بالتَصرَف بغرابة إلى درجة تجعل الآخرين يجدون صعوبة في التعامل معه.

وحسب تجربة عاشها رجل فرنسي حاولت زوجته الإنتحار بسب عجزها عن الحمل بصفة طبيعية وبعد فشل عملية طفل الأنبوب الأولى شعرت هذه الأخيرة بالإحباط وعدم تقبَل فكرة العقم و أنها لن تكون أم ، فأقدمت على الإنتحار ولكن زوجها إستطاع إنقاذها في اللحظات الأخيرة ، سيمون اليوم (زوجة بول ) خضعت إلى علاج نفسي وإستطاعت بعد رحلة صبر ومحاولات طويلة أن تحقق حلمها من خلال نجاحها في الحصول على طفل عن طريق تقنية التلقيح الإصطناعي ، وهي اليوم منخرطة في جمعية إنسانية تدعم النساء العقيمات وتشجعهم على الأمل في الحياة ونبذ اليأس والإبتعاد عن أنياب وحش الإكتئاب .

أعراض مرض الإكتئاب

وحسب تحليل خبراء الصحة النفسية للمرض الإكتئاب يمكن إكتشاف الإكتئاب من خلال بعض الأعراض والسلوكيات التي تظهر على المريض والتي غالبا ما يشترك فيها أغلب الأشخاص الذين يعانون من الإكتئاب ومن أهم هذه الأعراض:

-الميل إلى الوحدة وإعتزال النَاس
-البكاء ليلا قبل النَوم
-عدم الرَغبة في الأكل أو العكس الميل إلى الأكل النهم ما يعرف بالأكل العاطف
-عدم الرَغبة في الظَهور بالأماكن الاجتماعيَة
– شعور دائم ومتواصل بالحزن والقلق وتقلب المزاج.
-فقدان المتعة في الأنشطة المحبوبة في العادة.
-الضعف و قلة الحيلة في مواجهة مشاكل الحياة.
-فقدان الثَقة بالنَفس والإحساس بعدم القيمة والأهمية في المجتمع.
-عدم تقبل للآخرين والعجز عن الإندماج .
-عدم القدرة على النَوم والشَعور بالأرق أو العكس أي النوم لساعات طويلة، كذلك الإستيقاظ في وقت متأخر أو مبكرَ.
-آلام بالرَأس والمفاصل والشَعور بالكسل والإرتخاء
-سرعة الإنفعال ولأتفه الأسباب
-عدم القدرة على التَركيز والعزوف عن بذل أي مجهود بدني أو فكري.
-فقدان ذاكرة لبعض الأحداث أو العكس تذكَر أشياء حزينة من الماضي خاصَة التي حدثت في مرحلة الطفولة.
– وتأتي المرحلة الأكثر خطورة وهي التفكير الدَائم في الموت الذي تصاحبه فيما بعد التفكير الفعلي بالانتحار أو محاولة الانتحار، وهي المرحلة التي قد تجعل الأهل يتفطنون ويدركون فعلا أن هذا الشخص يعاني من مرض نفسي شديد ألا وهو الإكتئاب.

الطريقة المثالية للعلاج

في مثل هذه الحالات لا يوجد حل أفضل من الطبيب النفسي الذي يتقن تماما طرق التَعامل مع مرضى الإكتئاب والعلاج النفسي عند متخصص هو أمر ضروري جداً ولا مفر منه، لأنَ نصائحه ستمكن المريض من العثور على نافذة أمل جديدة تغير نظرته إلى نفسه وإلى الأشياء من حوله ، وسيتعلَم تدريجيا أن الأحداث السيئة والصدمات هي جزء من الحياة وبعد فترة معينة من العلاج النفسي ستولد عند مريض الإكتئاب فكرة جديدة عن الحياة وسيصبح قادرا على التعايش مع نفسه ومع اللآخرين  وهو ما يطلق عليه باللغة الفرنسية “le savoir vivre “ولعلَ أفضل القواعد الحياتية التي  يؤكد عليها أطباء علم النفس وعلم الاجتماع لتجنب الوقوع في الإكتئاب هي تقبَل الحياة كما هي بحلوها ومرها ومحاولة التعايش مع الواقع بمختلف تناقضاته وعدم مقارنة النفس بالآخرين ، إضافة إلى ضرورة إكتشاف الجانب الإيجابي من الذات والعمل على تطويرها كممارسة الهوايات والقيام بأشياء جديدة وخاصة الإبتعاد عن الأشخاص السلبيين الذين يتصيَدون الأخطاء ويضعونك دائما في قفص الإتهام و تعويضهم بالأشخاص الإيجابيين الذين يدفعونك إلى الأمام ويؤمنون بقدراتك ويتقبلونك كما أنت دون نقد أو تجريح .