من المعروف عن التبرَع بالكلى أنَه لا يضر بحياة المتبرَع وهذا ما أظهرته أغلب الدَراسات والبحوث وحتَى التجارب الواقعيَة حيث ساهمت عمليَة زرع الكلى طيلة عقود طويلة في إعادة الحياة والأمل إلى العديد من الأشخاص، ووفق أشهر الدراسات المنجزة حول هذا الموضوع والتي أجريت على 80 ألف مواطن أمريكي قاموا بالتبرع بإحدى الكلى تبيَن أنَ جميع المتبرَعين عاشوا لمدَة طويلة وطبيعيَة ولا تختلف عن المدَة العمريَة التي عاشها غير المتبرَعين الذين من نفس فئتهم العمريَة، الجنسيَة …إلخ .
هذه الحقائق دفعت بالعديد من الأشخاص الذين يحملون قلوبا معطاءة تتوق للخير إلى التبرع بأعضائهم (القلب ، الكلى..إخ ) لمساعدة الآخرين ، وفي نفس السياق يقول طبيب مشهور بكلية الطب في جامعة جونز هوبكنز بولاية بالتيمور الأمريكية، أنَه لا يوجد خطر مؤكد بالموت عند الأشخاص الذين يتبرعون بإحدى كلاهم ، وأضاف أنَه ما يقارب 6 آلاف متبرع في الولايات المتحدة، عاشوا ولا يزالوا يعيشون حياة طبيعية بكلية واحدة بعد عمليَة التبرَع وأنَ نصف هؤلاء يتبرعون خاصَة إلى أقاربهم أمَا النَصف الآخر فيتبرَعون إلى أصدقائهم وأحبابهم ولكن الملفت للإنتباه أنَ عدد لا يستهان به من المتبرعين وهو حوالي 100 شخص يتبرَعون بإحدى كلاهم لإنقاذ حياة أشخاص غرباء عنهم ويمتون لهم بأية صلة وهذا ما يعتبره خبراء وأطباء الجراحة العامة إنساني للغاية وعمل شجاع ومميَز .
هذه الشَجاعة نجدها أيضا عند سيدة أميركية إسمها “ستايسي دونوفان” التي تبرعت بإحدى كليتيها لمريض يقطن على بعد 2400 كلم من مكان إقامتها ولم تكن تعرفه لا من بعيد أو من قريب حيث علمت السيدة دونوفان بحاجة هذا المريض إلى الكلية من خلال إعلان تضمَن دعوة إلى التبرع في إحدى المجلاًت وبعد عناء كبير في إقناع زوجها بعملية التبرَع، خضعت ستايسي إلى جميع الفحوصات وأجرت مختلف أنوا ع التحاليل الضروريَة قبل إجراء العمليَة.
والغريب أنَه بعد أن تمت عمليَة تبرَع ستايسي إلى الرجل الذي كان يقطن بسان دياغو تبرَعت زوجة هذا الأخير بكليتها أيضا إلى شخص آخر وتوالت العملية إلى أن وصل عدد المتبرعين بكلاهم إلى 7 أشخاص
وبعد أن تمّت العملية بنجاح، تبين أنّ ذلك لم يكن سوى بداية لقصص أخرى، فقد تبرّعت زوجة رجل سان دييغو بدورها لشخص آخر، ودفع هذا شخصاً ثالثاً إلى منح كليته لمريض ثالث ، وتوالت العملية إلى أن وصل عدد المتبرعين بكلاهم إلى 7 أشخاص .
ورغم أنَ السيدة “ستايسي دونوفان ” لم تلتقي أبدا الرجل الذي تبرعت له بالكلية إلاَ أنَها كانت تعرف أخباره من خلال معارفه، أصدقائه وأفراد عائلته الذين كانوا يراسلونها إلتكرونيَا ليشكروها ويخبروها أنَه في أحسن حال بفضلها ووفق ما ذكرته ستايسي فإنَ أكثر العبارات التي أثرت فيها وجعلتها تكون سعيدة لقيامها بخطوة التبرع هو ما كتبته لها زوجته ” “كان يجلس في الغرفة ويتألم بشكل دائم، لكنه بفضلك أصبح شخصاً آخر”. هذه العبارة أكَدت لستايسي أنَه لا يوجد أجمل ولا أرقى من أن تكون سببا في سعادة شخص آخر حتَى وإن كنت لا تعرفه وليس لك به أي صلة فرابط الإنسانية في مثل هذه الحالات أقوى بكثير من أي رابط آخر . 🙂